أدانت منظمة صحفيات بلا قيود اقتحام المبنى الذي يوجد فيه مكتب شبكة الجزيرة وسط مدينة رام الله الفلسطينية، فجر الاثنين 4 آب/أغسطس الجاري.
وقالت المنظمة إن اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمكتب الشبكة الإعلامية المغلق أصلاً، ما هو إلا استمرار للاعتداءات الممنهجة التي تستهدف إخماد الصوت الصحفي، ومنع نقل المعلومات التي تكشف جانباً من الجرائم الفظيعة، سواء في سياق الإبادة الجماعية المستمرة منذ 22 شهرا في غزة، أو الانتهاكات اليومية في الضفة الغربية.
ووفق تقارير إعلامية، فقد ألصقت قوات الاحتلال أمرًا عسكريًا على مدخل المبنى، ويشير الملصق إلى تمديد إغلاق المكتب لمدة 60 يومًا إضافية، علماً أن قوات الاحتلال كانت قد اقتحمت مكتب شبكة الجزيرة في سبتمبر 2024، وصادرت جميع محتوياته من معدات ووثائق ومنعت بثه بشكل قسري، في أعقاب إقرار "قانون الجزيرة" الذي يمنح رئيس حكومة الاحتلال ووزير الاتصالات سلطة حظر أي وسيلة إعلام أجنبية تعتبرها "مُهددة لأمن الدولة".
وأكدت صحفيات بلا قيود، إن هذه الإجراءات القمعية في الضفة الغربية، ترافقها جرائم استهداف ممنهج للصحفيين في قطاع غزة، حيث ارتفع عدد الصحفيين الذين قتلتهم إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى 23 يوليو 2025 إلى 231 صحفياً وصحفية، في رقم يفوق ضحايا الصحافة في حروب كبرى مجتمعة، بما فيها الحرب العالمية الثانية، وحرب فيتنام والحرب الكورية.
وفي ظل تصاعد أعمال الإبادة الجماعية ووصول المدنيين في غزة إلى مرحلة الموت جوعاً، تستمر سلطات الاحتلال بارتكاب الانتهاكات التي يحظرها القانون الدولي الإنساني، والاتفاقيات الدولية، وكذلك المعاهدات والبروتوكلات، التي تحمي الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، وأيضاً المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان التي تضمن حق الوصول إلى المعلومة ونقلها ضمن حرية الصحافة.
بيانات رسمية
وأشارت صحفيات بلا قيود، إلى البيانات الرسمية المتعلقة بأكبر المجازر التي يشهدها العالم المعاصر والتي تُفضح عن أسباب الاستهداف الاسرائيلي للصحفيين الفلسطينيين والمؤسسات الإعلامية العاملة هناك، إضافة إلى منع الصحفيين الأجانب والمؤسسات الإعلامية العالمية من دخول قطاع عزة. واستدلت المنظمة بآخر التقارير الإحصائية التي تُحدثها وزارة الصحة الفلسطينية في غزة يومياً وتنشرها على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أكدت في تقريرها، الاثنين 4 أغسطس، أنها سجلت 5 حالات وفاة جديدة بسبب الجوع خلال الساعات الماضية، ما يرفع عدد المدنيين الذين ماتوا بسبب سياسة التجويع التي تفرضها إسرائيل، إلى 180 شهيدًا، بينهم 93 طفلًا.
كما كشفت الوزارة عن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي من القتلى الفلسطينيين الذين وصلت جثامينهم المستشفيات منذ 7 أكتوبر 2023: إلى 60933 شهيدًا (ستون ألف وتسعمائة وثلاثة وثلاثين)، من بينهم 1516 قتلتهم إسرائيل أثناء بحثهم عن المساعدات منذ 27 مايو الماضي وحتى 4 أغسطس الجاري، مع التنويه بأنه لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم حتى اللحظة، بحسب الوزارة.
دلالة واضحة للاستهداف
وكانت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، في تقريرها نصف السنوي، قد وثقت 739 انتهاكاً اسرائيلياً بحق الصحفيين في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال النصف الأول من عام 2025، ومن تلك الانتهاكات: مقتل41 شخصا من اسر الصحفيين، وإصابة صحفيين بـ66 رصاصة وشظية أغلبها شظايا صواريخ، وتدمير 32 منزلا لصحفيين بقصف مباشر شنه طيران الاحتلال.
ونبه نقيب الصحفيين الفلسطينيين، إن الصحفيين الذين قتلتهم إسرائيل في السنة الأولى من الحرب كان معظمهم في الميدان، أما في هذه السنة فإنها تستهدف الصحفيين في مراكز الايواء وفي الخيام وداخل المستشفيات، وفي هذا دلالة «واضحة للاستهداف والاستقصاد، ما يدل على أن قرار قتل الصحفيين هو قرار سياسي».
وبحسب ما ترصده صحفيات بلا قيود، فإن الانتهاكات التي يرتكبها الإسرائيليون بحق الصحفيين في الضفة الغربية، تتنوع بين إطلاق النار المباشر، والاعتقال التعسفي، والاستدعاءات الأمنية، والمنع من التغطية، والإبعاد القسري، والتوقيف وترحيل الصحفيين الفلسطينيين من مدنهم الفلسطينية، بالإضافة إلى استخدام الغازات السامة والرصاص الحي، وترى المنظمة أن هذه الممارسات تشكل جزءاً من سياسة شاملة لحصار المعلومات وإخفاء الحقائق عن الرأي العام المحلي والعالمي.
وتؤكد صحفيات بلا قيود أن الهجوم المتواصل على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، سواء في غزة أو الضفة الغربية، هو امتداد لسياسة منظمة هدفها طمس الحقائق وتغييب الوعي العالمي بما يجري من جرائم، ويعد هذه الهجوم جزء لا يتجزأ من جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 22 شهراً.
في ضوء هذه الانتهاكات، تطالب منظمة "صحفيات بلا قيود" بـ:
ـ إعادة فتح مكتب الجزيرة فوراً والكف عن ملاحقة العاملين فيه
ـ إدانة دولية صريحة لكل أشكال القمع والإبادة التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في فلسطين.
ـ رفع الحصار الإعلامي عن غزة والسماح للصحفيين الدوليين ووسائل الإعلام الدولية بالوصول إلى القطاع والضفة الغربية لنقل الحقائق وتوثيقها بحرية
ـ فتح تحقيق دولي مستقل في جرائم استهداف الصحفيين، وتقديم المسؤولين عنها للمساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ـ دعوة الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى تبني موقف أكثر صرامة تجاه سياسة الإبادة الإعلامية، والعمل على ضمان حرية الصحافة كحق لا يُصادر ولا يُخضع لاعتبارات الاحتلال.
